الرسوم المتحركة تسلب انظار الاطفال فهل تسلب اخلاقهم?

بسمـ الله الرحمن الرحيم

الرسوم المتحركة تسلب انظار الاطفال فهل تسلب اخلاقهم? F53e9d4403

يلجأ قطاع واسع من الاهالي الملتزمين لاشغال اوقات فراغ اطفالهم بمشاهدة الرسوم المتحركة هربا من عري الفضائيات وكثرتها وعليه يقضي معظم الاطفال اغلب اوقات فراغهم امامها .
كذلك ان الامهات يشجعن اطفالهن على متابعة المزيد من هذه البرامج حتى تسنح لهن الفرصة لإتمام الاعمال المنزلية ، وهكذا اصبح التلفاز المسؤول الاساسي عن تنشئة الاطفال ففي دراسة لمنظمة اليونسكو صدرت مؤخراً بينت ان الطالب في البلاد العربية والذي يبلغ الثانية عشرة من عمره يكون قد قضى امام التلفاز اثنين وعشرين الف ساعة بينما قضى في غرفة الدراسة اربعة عشر الف ساعة !!
وتنكشف الازمة حينما يتبين ان اكثر من 70% من برامج الرسوم المتحركة يتم انتاجها في الولايات المتحدة ، فالرسوم المتحركة وان كانت تبدو بريئة الا انها تعرض ثقافة وقيما غربية تتعارض مع ديننا الحنيف ، علما ان لمرحلة الطفولة حظا وافرا في تكوين اهم ملامح الشخصية المستقبلية فهذه المرحلة مقتصرة على التلقي والاكتناز والطفل يتعلم ويتفاعل بسرعة مذهله فان حصيلة ما يتلقفه الطفل من معلومات من بعد الفطام الى سن البلوغ تفوق كل ما يتلقاه بعد ذلك من علم ومعرفة بقية عمره .
ولقد أُثْبِتَ علميا ان الانسان يستقبل من معارفه 98% عن طريق حاستي البصر والسمع .
فاذا كان لبرامج الرسوم المتحركة هذا الاثر البالغ على تنشئة اطفالنا فما هي اهم سلبياتها وهل لها في المقابل ايجابيات ؟ وكيف على الاهل ان يتعاملوا معها ؟
من اهم المسؤوليات التي اهتم بها الاسلام مسؤولية الآباء والمربين تجاه الاطفال منذ ولادتهم فالمعلم والاب والام والمساعد والمسؤول جميعهم مكلفون بتكوين شخصية مسلمة .
فالمسؤولية كبيرة وقد حث عليها الله سبحانه وتعالى حيث قال { يوصيكم الله في اولادكم } وفي قوله ايضا { يا ايها الذين آمنوا قوا انفسكم واهليكم نارا } ، اما في الاحاديث الشريفة فيقول سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم : ( الرجل راع في اهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ) .
فانبثاقاً من هذه التوجيهات القرآنية داوم المربون جيلا بعد جيل على تربية اطفالهم بافضل وجه وحتى كانوا يختارون لهم افضل المربين والمؤدبين والمعلمين ليقوموا بالمهمة على الوجه الصحيح في تنشئة أطفالهم على العقيدة والاخلاق الاسلامية .

واذا كان التكليف بالمهمة يقع على عاتق المربين فعليهم ان يعلموا بوضوح حدود مسؤوليتهم ومنها :

البناء الايماني لطفلهم : تعليمه اصول الايمان ، اركان الاسلام ، مبادىء الشريعة .

البناء الخلقي : ويضم مجموعة الفضائل تجاه الذات كالصدق والامانة وغيرها من الفضائل ، فضائل اجتماعية كتنزيه الالسن من السباب والشتائم ، فضائل وجدانية ، تعويد الاطفال على المشاعر الانسانية الكريمة.

البناء البدني : لتحقيق قوة الجسم وسلامة البدن ، وجوب النفقة، اتباع القواعد الصحيحة في المأكل والمشرب والمسكن والنوم.
البناء الفكري والعقلي والنفسي: ويقصد به تكوين الفكر بالعلوم والثقافات الشرعية والعصرية والتوعية الفكرية .. والبناء النفسي وهو تكوين شخصية متكاملة متوازنة .

وحول ايجابيات التلفاز تفيدنا المربية سوسن حلوق معلمة اللغة الانجليزية فتقول إنّ من ايجابياته :

* اثراء الطفل باللغة العربية الفصيحة حيث يفتقدها في محيطه الاسري مما يساعده على النطق السليم وبما ان اللغة هي الاداة الاولى للنمو المعرفي فيمكن القول بان الرسوم المتحركة تسهم في نمو الطفل المعرفي .
* تلبي للطفل بعضا من احتياجاته النفسية وتشبع له غرائز عديدة مثل حب الاستطلاع حيث يكتشف الجديد يوميا وتنمي لديه غريزة حب المنافسة والمسابقة فتجعله يسعى للنجاح .
* تغذي قدرات الطفل وتنمي خياله فهي تتنقل به الى عوالم جديدة فيتسلق الجبال ويصعد الى الفضاء ويقتحم الاحراش كما وتعلمه اساليب متعددة في التفكير والسلوك .
* تعطي الطفل معرفة طيبة ومعلومات ، مما يسهم في اثراء معرفته .
اما عن الآثار السلبية العامة فتقول دينا خديجة ماجستير علم نفس ان برامج الرسوم المتحركة تشترك مع مجمل سلبيات التلفاز واهمها اعاقة النمو المعرفي الطبيعي فالاصل ان يتحرك طالب المعرفة نحو غايته باحثا مجربا الا ان التلفاز يقدم المعرفة دون تفاعل او حركة ويجعل الطفل اداة للتلقي بعيدا عن المشاركة وانما الاكتفاء بمشاهدة الاحداث ومتابعتها ثم ان التلفاز يقلص درجة التفاعل بين افراد الاسرة الذين ينغمسون في برامج التلفاز لدرجة انهم يتوقفون حتى عن التخاطب معا وان الجلوس لفترات طويلة واستدامة النظر لشاشة التلفاز لها اضرارها على جهاز الدوران والعينين .

::نشر الثقافة الغربية والنظريات الباطلة::

تعكس الرسوم المتحركة الثقافة الغربية بكل ابعادها التربوية والسلوكية يقول الدكتور عبد الوهاب قصص توم وجيري تبدو بريئة ولكنها تحوي دائما صراعا بين الذكاء والغباء اما الخير والشر فلا مكان لهما وهذا انعكاس لمنظومة قيمة ويضيف الدكتور وهبه الزحيلي : « اما برامج الصغار وبعض برامج الكبار فانها تبث روح التربية الغربية وتروج للتقاليد الغربية وترغب بالحفلات والاندية الغربية . وتعقب المربية فائدة احمد فتقول : اما برامج البوكيمون فتقوم فكرتها على ان هناك حيوانات يطلق عليها اسم بوكيمون هي دائماً في تطور مستمر فالبوكيمون يتطور لوحده وقد يصبح شكلا مغايرا او يتحد مع بوكيمون آخر وهذه اشارة لنظرية النشوء والتطور لدارون التي تقول ان الانسان بدأ قردا ثم ما زال في تطور حتى اصبح في صورته الانسانية المعروفة اليوم ! اضافة انها تحوي رموزا واشارات لتشويه صورة المتدينين ، ويظهر ذلك في برنامج بوباي حيث يظهر الرجل الشرير ملتحيا اما بوباي الرجل الطيب فيبدو حليقا .
اما فيما يتعلق بنشر التبرج والسفور فتقول الاخصائية النفسية دينا خديجة فانها تبدو جلية في معظم البرامج فالكابتين ماجد يصور حضور الفتيات للمباريات وتشجيع اللاعبين والرقص والصراخ والمعانقة بين الجنسين عند تسجيل الهدف امرا عاديا .
اما سندريلا الفتاة اليتيمة فتتعرف على شاب غني لا تجد حرجا في معانقته والرقص معه اما برامج البوكيمون فان لباس النساء فيه فاضح ومكشوف .

::العنف والاضطرابات النفسية::

ترتكز معظم موضوعات الرسوم المتحركة على العنف والجريمة كوسيلة للإثارة والتشويق وان كانوا بداية يخافون الا انهم يعتادونها تدريجيا ثم يأخذون بالاستمتاع فالتقليد .
وقد اكدت دراسات عديدة ان هناك ارتباطا وثيقا بين العنف التلفزيوني والسلوك العدواني للطفل وانتشار الرعب والخوف .
فقد نقلت لنا وسائل الاعلام حادثة اختطاف مراهق روماني لطفل وضربه حتى الموت وقد بين ان سبب جريمته تقليده لاحد مشاهد الرسوم المتحركة .
ويذكر احد الآباء انه طلب من ابنه الذهاب بمفرده لاصلاح ساعته فاصر الابن على رفضه وكان جوابه انه يخاف من الساعاتي لانه يشبه رجلا شريرا في أحد برامج الرسوم المتحركة .
وفي دراسة لمستشفى الاطفال بمدينة سبياتل الامريكية اكد الباحثون ان الحد الاعلى لمشاهدة التلفاز يجب الا يزيد على الساعتين وان كل ساعة اضافية تزيد من فرص اصابته باضطراب في القدرة على الانتباه بمقدار 15% ويقول د. ديمتري احد الباحثين ان الاطفال الذين اعتادوا على التعرض لمستويات مرتفعة من الاثارة في مرحلة مبكرة من العمر يستمرون في توقع الحصول على نفس مستويات الاثارة مع مرور الايام ، الامر الذي يجعل من الصعب عليهم التكيف مع النمط الاقل بطئاً للحياة والدراسة في المدرسة .
وخلص البحث الى ان الاطفال الذين يشاهدون التلفاز لفترات طويلة يعانون من صعوبات في التركيز ، الاندماج ، كثرة الحركة والارتباك .
وتؤكد المربية فائدة محاجنة تخصص طفولة مبكرة على ان نسبة العنف بين طلاب فوق البساتين تزداد من سنة لاخرى وهذا يعود لمضمون برامج الاطفال التي يشاهدونها في بيوتهم ونقول ان هناك بعض الاطفال يأتون للمدرسة بطباع هادئة ولكننا نراهم بعد فترة اصبحوا عنيفي الطبع فيكتسبون هذا من المشاهدة الزائدة ومن تصرفات لزملائهم العنيفين . وتحذر من الزيادة في نسبة العنف وتشدد على المراقبة لمضامين الافلام المشاهدة .

::الجانب العقائدي::

هناك مشاهد عديدة تحوي مخالفات عقدية قد تزعزع عقيدة الطفل وتشوه فطرته السليمة ففي احدى حلقات ال سيمسونز The simpsons يقول الاب :« من يتساءل ان هناك ربا الآن انا ادرك ان هنا ربا ، وانه انا » .
وفي احدى مشاهد ميكي ماوس : يعيش الفأر في الفضاء ويكون له تأثير واضح على البراكين والامطار فينزل المطر ويوقف الرياح.
كما وتشمل صورا عقائدية مخالفة للشرع مثل الانحناء للغير كما يحدث في برنامج الكابتين ماجد عند نهاية كل مباراة كذلك في برنامج النمر المقنع اضافة لاشتمالها على تعابير في العقيدة مثل « هذا بفضلك يا بوكيمون العزيز » هذا بفضل ماجد وياسين ، او حينما ينزل المطر في احدى حلقات الكابتن ماجد فيقول احدهم : « الم تجد وقتا افضل من هذا لتنزل فيه »؟ وتصوير السحر على انه حكمة والساحر مناصر للضعفاء والمحتاجين مثل بابا سنفور.

::التلفزيون والتحصيل العلمي::

في ربيع عام 1977 ظهر كتاب بالغ الاهمية في الاسواق الغربية من تأليف ماري دين اسمته المخدر الكهربائي وكان سببا لضجة كبيرة عند القلقين وعلماء النفس والمربين ولقد اكد الكتاب ان مشاهدة التلفاز يؤدي للادمان والتميز بالسلبية فلا يستطيع الاطفال اللعب والابتكار ولا التفكير بوضوح فكيف لهم استيعاب الدروس وتركيز اهتمامهم بالتعليم؟ وفي تقرير لمنظمة اليونسكو العالمية حول وسائل الاعلام اوضحت ان حشو مخيلة الطفل واشغال فكره بالاثارة المتلفزة لا تدع له مجالا لاستيعاب المعلومات التي يتلقاها في المدرسة مما يؤدي لكراهية الطفل للمدرسة والكتاب لشعوره بقصورهما وعجزهما عن جذبه اليهما كما تجذبه الرسوم المتحركة وباقي برامج التلفاز اذ انها لا تتطلب من الطفل مجهودا ولا حركة .
الاطفال مدمنو مشاهدة التلفزيون تكون لديهم ردود فعل وتأثر للشدائد والحوادث بطيئة ، وذلك عند سماعهم صراخاً قريباً منهم ، طرق ابواب، نداءً بصوت عالٍ ، او صراخاً لمن حولهم فجميع هذه الامور لا تؤثر بهم لانهم اعتادوا على مشاهدة وسماع مثل هذه الامور يوميا فلذلك يصبحون بطيئي الحركة والاستجابة وفكرهم وعقولهم مشغولة دائما بالتفكير والسرحان .

::التنشئة الاجتماعية الاولى::

في احدى مقالات الباحث دان كاسيي والذي كان حول التهيئة الاجتماعية ودور الاعلام في هذه العملية يقول ان عملية التهيئة تتم للطفل في سنواته الاولى ، والاهل هم المهيئون الاساسيون وتساعدهم على ذلك وسائل الاعلام .
فوسائل الاعلام تجذب انتباه الطفل منذ سنواته الاولى ، فمنذ السنة الثانية لحياته يبدأ الطفل بالنظر لشاشة التلفاز وتدريجيا يزداد اهتمامه بالتلفزيون وبوسائل اخرى مثل الراديو . الاطفال يتعلمون من اهاليهم كيفية استعمال وسائل الاتصال المختلفة ، وقد يكتسب الطفل معلومات اساسية عن البيئة الخارجية بالاضافة لمعلومات مكملة واحيانا مناقضة لما قام الاهل بتعليمه ، ويقول ان متابعة التلفاز تؤثر على عملية التهيئة الاجتماعية التي يتلقاها الطفل من والديه والمربين .
* تقلل من عملية الاتصال بين الطفل وبيئته الاجتماعية » .
* وقد تشكل متابعة وسائل الاعلام الجماهيرية قاسما مشتركا للاهل وابنائهم.
ويطرح في مقاله سؤالا مهما وهو هل يستطيع الاولاد في سن مبكره فهم الواقع المركب بايجابياته وسلبياته والى اي مدى يستطيعون التمييز بين الواقع والواقع الانفصالي الخيالي ؟ .
كذلك الكثير من الاهل والمربين يعبرون عن خشيتهم من متابعة الاولاد لمضامين وسائل الاعلام الجماهيرية ، خاصة التي تعرض عنفا وخيما ، خوفا من ان يقلد الاولاد ما يشاهدونه .

دراســة:

اسفرت دراسة الباحثة السعودية فاطمة احمد خليل عن عدة وقائع ومضامين وهي :
* يشاهد جميع اطفال الفئة التي أُجري عليها البحث الرسوم المتحركة وتستحوذ على اهتمامهم .
* يفضل الاطفال مشاهدة افلام الرسوم المتحركة من خلال القنوات الفضائية ثم من خلال اليديو .
* تؤثر افلام الرسوم المتحركة على المحصول اللغوي للطفل وقدرته على التعبير بدرجة متوسطة .
* تؤثر افلام الرسوم المتحركة على ثقافة الطفل ومعلوماته بدرجة متوسطة .
* يفضل الاطفال الرسوم المتحركة الاجنبية التي تتحدث باللغة العربية وان تكون قصتها خيالية .
* تؤثر افلام الرسوم المتحركة بما تحتويه من عقائد غريبة على عقيدة الطفل المسلم وعلى مفهومه كالحلال والحرام .
* تؤثر السمات التي تتصف بها شخصيات افلام الرسوم المتحركة الاجنبية على انفعالات الطفل .
* يرى الآباء ان القيم التي تحتويها افلام الرسوم المتحركة الاجنبية لها تأثير على سلوك الطفل بدرجة عالية .
* توجد فروق ذات دلالة احصائية بين استجابة الذكور والاناث لصالح الاناث بالنسبة للاطفال ، بينما لا توجد فروق ذات دلالة احصائية بين استجابة الآباء والامهات والمعلمين والمعلمات .

ثانيا : نتائج تحليل المضمون :

* تحتوي افلام الرسوم المتحركة على عقائد غريبة تعمل على تشكيك الطفل بايمانه بالله ومفهوم الحلال والحرام حيث بلغ مجموع المخالفات الدينية في افلام التلفزيون نسبة 69.4 بينما الموافقات الدينية في افلام التلفزيون بنسبة 6.3% .
وفي افلام الفيديو كانت نسبة المخالفات 29.7 بينما الموافقات 7.3% .
* تشمل افلام الرسوم المتحركة الاجنبية على قيم سلبية هي اكثر تنوعا وكمّاً من القيم الايجابية حيث ان القيم السلبية في افلام التلفزيون كانت نسبة 57.3% بينما القيم الايجابية في افلام التلفزيون كانت بنسبة 42.7% .